المسؤولية السياسية تكليف و ليس تشريف

30 دقيقة- فتحي غداس

استهل مقالي هذا بقصة أبي حنيفة النعماني مع الخليفة المنصور عندما ارسل يلح عليه في ولاية القضاء فرفض… فاستدعاه الخليفة وسأله: أترغب عما نحن فيه؟ فأجابه : أصلح الله الأمير انى لا أصلح للقضاء. فقال له : كذبت! فأجابه الشيخ الإمام بهدوء: قد حكمت بأني لا أصلح للقضاء فقد نسبتني للكذب، فإن كنت كاذبا فلست أصلح للقضاء وإن كنت صادقا فقد أخبرت الخليفة بأني لا أصلح له من قبل. 

فأين نحن من حكمة هؤلاء؟

عندما أرى تكالب الأشخاص على المراكز السياسية و الكراسي وتعدد المترشحين لرأسة تونس الذي فاق الخمسون شخصا والمترشحون ايضا لمجلس نواب الشعب اراه تهافت مبني على  سجل إعجاب أو إثنان على صفحة كل منهم  بمواقع التواصل الإجتماعي او جلب المعجبين حسب نوايا سياسية لنيل المناصب التشريفية اكثر منها العمل الفعلي لتشريف المنصب عن جدارة و استحقاق.. فالكل يعتبر نفسه منقذ ا و زعيم الأمة.

هل يعلم هؤلاء مدى صعوبة و حجم المسؤولية التي يرجون بلوغها أم أن تونس رخيصة إلى هذه الدرجة و أصبح الكل فيها “سوق و دلال “و كل من هب و دب يطمع في تسييرها و اخذ زمام الامور بيده ؟ الكل همهم الوحيد المناصب لا غير .

ليعلم الجميع ان ما يصبون إليه هو تكليف و ليس تشريف كما يعتقد بعضهم إن لم أقل كلهم ، فاتقوا الله في تونس اتقوا الله في وطنكم الام و خذوا العبرة من أبي حنيفة النعماني عندما عرضت عليه المناصب ابى ان يحمل مسؤولية حكم غير عادل  لذا وجب ان نرتقي بوطننا الى القمم وهذا الشئ ليس بالمستحيل .

إن فهم كل شخص دوره في المجتمع وترك تقمص دور أكبر من حجمه من الممكن ان نقي شعوبنا و اهالينا مما لا يحمد عقباه .

ان السياسة ليست مجرد إمتيازات بل عبئ و شقاء و مسؤولية ان كلف بها احدهم فقد كلف بها أمام الله وعبده فالمسؤولية السياسية تكليف و ليس تشريف .

Réagir sur l'article

Veuillez saisir votre commentaire
Veuillez saisir votre nom