لا يعرف الكثير من التونسيين موسيقى “السطمبالي”، رغم أن ألحانها عزفت في بلادهم، منذ مئات السنين، وتسعى فرقة تونسية إلى إحياء هذه الموسيقى، بحفلات وإقامة مهرجان لها، في محاولة للتعريف بفن عمره مئات السنين.
◄30دقيقة- يسرى ونّاس- الأناضول
موسيقى السطمبالي، التي تحاكي تاريخ زنوج تونس، تنحدر من ثقافة إفريقية بالأساس، وتجد مرادفات لها في مختلف دول شمالي إفريقيا، فنجد “القناوة” في الجزائر والمغرب، “الدّيوان” في الجزائر، “المكاري” في ليبيا، و”البوري” في موريتانيا
ورغم أنها كانت تقدم إبان حقبة العبودية في تونس، قبل إلغاء الرق في القرن التاسع عشر، لكنها ظلت قائمة حتى بعد تحرير العبيد.
آخر فرق “السطمبالي” في تونس المكونة من 8 أفراد ويطلق عليها فرقة “سيدي علي الأسمر”، احيت مؤخرا حفلا موسيقيا، في منطقة باب جديد، بقلب العاصمة.
انطلقت قرقعات “الشقاشق” تلك الصفائح المعدنية، مصدرة أصواتاً شبيهة بالأجراس، توحي للسامع بأنها سلاسل ممزقة وأغلال قد فتحت منادية لعالم الحرية، يصاحبها قرع الطبول لتكتمل الصورة برقصات السطمبالي ذات الخطوات المدروسة.
كما لا تغيب عن الفرقة آلة “القمبري” الوترية والإيقاعية في الآن ذاته، وعادة ما يقوم بالعزف عليها قائد الفرقة الذّي يسمى بـ”اليِنّا”، وهو من يرشد أعضاء فرقته إلى المقامات الصحيحة تجنبا لأي خروج عن ألحان السطمبالي.
يقول رياض زاوش، رئيس جمعية ثقافة فن السطمبالي إنّ الفن الزنجي أقدم من المالوف التونسي. ويضيف أنه إبان العهد الملكي كانت توجد بتونس 6 منازل شهيرة بالتغني بهذا الفن 4 منها في العاصمة، واثنتين في مدينة صفاقس.
ويقول الزاوش، إنّ جمعيتهم حديثة العهد، حيث تأسست في 2016، وتسعى إلى تنظيم مهرجان خاص بفن السطمبالي، في أوت القادم.
ولعل شخصيّة “البوسعدّية” من أطرف مكونات عرض السطمبالي، وتجسد خاصة في فضاءات واسعة كالشوارع والمسارح الكبرى لجلب السياح بحركات فلكوريّة.
وبحسب رياض الزاوش فإن الأسطورة الشعبية تقول إن البوسعدية، هو أحد ملوك مالي، خطف تجار الرقيق ابنته سعدية، من بيتها فتنكر في ملابس غريبة من صوف وأشرطة من الفرو والرّيش والحديد، وغطى وجهه بقناع مكشوف العينين مزدان بأصداف البحر حاملا بيديه الشقاشق، مردداً هتافات عله يجدها.
وهناك روايات أخرى تقول إنّ هذا الملك المالي وصل تونس، التي عُرفت في الماضي بكونها سوقاً لتجارة العبيد، عساه يجدها. ورغم أن تلك الأغاني تقدم باللغة العربية، لكن قد لا تفهم عند كثير من التونسيين، نتيجة اللهجة الإفريقية المستخدمة، وفق الورغلي. والسطمبالي، كلمة قديمة جدا وهي أمازيغية، ولا يعرف معناها بدقة.
وتشير دراسات موسيقية تونسية إلى أن السطمبالي، كان سبباً في بروز مقام موسيقي تونسي يدعى “طبع الرصد عبيدي 9″، في إحالة للفظة العبوديّة.