متصوّفة تونس على الفايسبوك: “الفقراء” يبوحون بأسرار الزاوية والأقطاب

متصوّفة تونس على الفايسبوك:

تواترت التعليقات على صورة للشيخ عبد الغني بوبكر منشورة على الصفحة الرسمية للطريقة البوبكرية، وتفاعل المريدون مع الصورة المصاحبة بتعليق قد يكون هيّج القلوب بمحبة الشيخ بالعبارات الآتية: “شيخنـا وعمدتنـا وفريـد العصـر والأوان الكهــف الرفيـع والحـصن المنيـع غـوث الزمان سيدنـا ومولانا عبـد الغني بوبكر الإسماعيلي قدّس الله تعالى سره”.

◄30دقيقة- لطفي الحيدوري

وكتبت “صفيّة” تعليقا على صورة الشيخ عبد الغني: “اللهمّ أدم علينا أعيادنا بحضور سيدنا وعمدتنا سيدنا الشيخ قدس الله سرّه، آمين”. وقال “غازي”: “اللهمّ لا تحرمنا من اللقاء بسيدنا الشيخ قدس الله سره وبالفُقرة الكرام مجددا في القريب العاجل”. ورحّب “الأسعد” بمرأى الشيخ: “مرحبًا بمن أتانا مرحبًا الحمد لله والشكر لله”. أمّا “نور الهدى” فعلّقت: “باسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلاّ بالله اللهمّ بارك، ربّي يجازيكم عنّا كل خير سيدنا الشيخ وقدّس الله سرّكم العظيم”. وشدّدت “سنية” على مودتها الروحية فقالت: “كل مولد ونحن أحبابكم وفي رحابكم سيدنا”. وأشادت “نجوى” بمكانة الشيخ: “شيخنا العزيز غوث الزمان سيدنا عبد الغني بوبكر قدس الله تعالى سره”.

متصوّفة تونس على الفايسبوككانت مناسبة تلك الصورة عيد المولد النبوي الشريف الذي تحتفل به الزوايا الصوفية في تونس على طريقتها، ويهبّ المريدون من كل جهات البلاد وفودا على الزوايا التي يتبعونها وعلى المشائخ “المقدّمين” الذين أخذوا عنهم “الطريقة” واتبعوهم.

وعي مبكّر بالصورة والدور التواصلي

وتمثل الصور والتسجيلات المتعلقة بعيد المولد أغلب المضامين المنشورة على صفحات الزوايا والطرق الصوفية التونسية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. وتُظهر تواريخ إنشاء هذه الصفحات أنّ أتباع الطرق والزوايا انخرطوا في الفضاء التفاعلي على شبكة الانترنت عبر الفايس بوك ويوتيوب بدرجة أولى.

وحددت الصفحة الرسمية للزاوية الإسماعيلية بمرناق على فايسبوك أهدافها بكونها: “صفحة افتراضية تعمل على بث الوعي الديني ودعم التقارب الروحي بين السادة فقراء الطريقة الإسماعيلية المدنية”. والوعي الديني، مثلما هو مشترك بين مختلف صفحات الطرق التونسية هو تعاليم المشائخ والمقدمين وأورادهم ومواعظهم وخطبهم، وخاصة ما صدر عن شيخ الطريقة الإسماعيلية (مركزها توزر) المرحوم إسماعيل الهادفي‎. والملاحظ أنّ صفحات الصوفية التونسية لا ترهق زوّارها بالكتابات الطويلة المعمّقة وتفسح المجال كبيرا لتسجيلات الأناشيد والحضرة واحتفالات المولد النبوي، وهي مادة فنّية ضخمة فيها الجانب الغنائي والأناشيد والبعد الحركي المسرحي الحيّ والواقعي للحضرة، بما يطلق العنان لمتعة المشهد والسماع وهو ما يحقق الجاذبية، وقد يحقق الاستقطاب. ويبدو أنّ المتصوّفة يدركون جيّدا أهمية المشهدية الجمالية ولذلك يتخيّرون في التسجيلات المنشورة أجود أصوات المنشدين ووقائع الحضرة الأفضل تناسقا في الحركة والصوت.

ويتوفر على صفحات الزوايا رصيد وثائقي هامّ من الصور يعود بعضها إلى أكثر من خمسين سنة إضافة إلى تسجيلات مؤرخة في أواسط الثمانينات من القرن الماضي. ويحوز الشيخ إسماعيل الهادفي (1916-1994)، شيخ الطريقة الإسماعيلية بتوزر على النصيب الأوفر من الصور التي توثق بدايات نشاطه ولقاءاته بمريديه وسفراته وزياراته الخاصة وحياته اليومية. وهو أرشيف على غاية من الأهمية يشير إلى وعي مبكّر بأهمّية الصورة ودورها في التواصل وذلك بالنظر إلى قيمة صورة الشيخ في وجدان المريدين، كما تجلّى ذلك في مقدمة المقال في تعليقات المريدين على صورة شيخ البوبكرية، وما تبيّنه أيضا، تفاعلات أتباع عموم الإسماعيلية عند نشر صورة الشيخ الهادفي. والغرض نفسه يتحقق عبر تسجيلات الفيديو المحتفظ بها، التي قد يكون المريدون يتداولونها يدا بيد، قبل انفتاح مجال موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، حيث تعمل تسجيلات الفيديو المنجزة في ماض بعيد على توحيد الأتباع حول أقطابهم الروحية. ولذلك تم تقديم أحد التسجيلات المنشورة على صفحة “الزاوية الإسماعيلية البدرية” بالجملة الآتية: “سيدنا الشيخ (إسماعيل الهادفي) قدّس الله سره في الحضرة عام 1988 وموجود سيدي عمار العزابي وسيدي أحمد البوغانمي ربي يرضيهم علينا الكل”. وعلّق أحد المتصفّحين، وهو من أبناء الطريقة الإسماعيلية، قائلا: “راهم هيموني يا شيخي في جمالك حيروني يا شيخي”.

وفي أحد التسجيلات المصوّرة التي تعود لسنة 1985 شهادة للشيخ إسماعيل الهادفي عن سيرته الشخصية وشهادة أخرى للمقدمة “حفصية” التوزرية في جلسة واحدة جمعتهما، وهي من الحالات النادرة التي تظهر فيها المرأة الصوفية للعموم متحدثة عن التجربة الصوفية.

وتعتبر زوايا الطريقة البوبكرية بالمنزه وباب سعدون والمروج1 الأكثر احتفاء بصور شيخ الطريقة الذي يظهر قريبا من أتباعه الذين يعبّرون بعواطف جياشة عن تعلقهم به، مثال ذلك ما كُتب تعليقا على صورة جماعية يظهر فيها عبد الغني بوبكر: “سره في جمعنا علمه في نطقنا تالله لسنا سواه قدس الله تعالى سره العظيم ورضي الله عنه وأرضاه”. وتبعث الأغنية المصاحبة لشريط صور عن الشيخ التساؤل عن مدى الرقابة على بعض المضامين، وكانت الأغنية بصوت جورج وصوف: “كلامك يا حبيبي كلام غير الكلام”. ومن الملاحظ أنّ صور المريدين داخل مقرات الزوايا الثلاثة تظهرهم في لباسهم العصري، على خلاف سائر الزوايا داخل البلاد التي يغلب على مريديها ارتداء الجبّة التونسية ولباس الصوف. ويظهر شيخ البوبكرية أحيانا في بدلة افرنجية أنيقة بين مريدي زاوية ضاحية المنزه.

تواصل وانضباط

تتواتر في كثير من الصفحات أخبار الوفيات والتعازي المتعلقة بأبناء الطريقة، وخاصة المشائخ، فأعلنت “الزاوية الإسماعيلية بالجمال”، يوم 21 أكتوبر 2016، وفاة أحد رجال الطريقة بنصّ نعي رسمي: “تنعى الطريقة الصوفية الاسماعيلية انتقال ابنها البار المقدم المبرور والرجل الصالح سيدي عبد الحفيظ تباسي رحمه الله رحمة وسعة الذي وافته المنية بمنزله بالأرطس القطار”. وورد على الصفحة يوم 11 أوت 2015 نعي “المقدم” الهاشمي السندي موجه لعموم الأتباع جاء فيه: “تتقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالجمال إلى جمع إخوان الطريقة الصوفيّة الإسماعيليّة بأحرّ التعازي في وفاة سيدي الهاشمي السندي مقدّم الزّاوية الإسماعيلية سيدي أحمد زرّوق بقفصة. رضي الله عنه وأرضاه وجمعه بشيخه وبسيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم وربي يلحقنا بهم غير مبدلين ولا مغيّرين”.

وعنونت صفحة الزاوية الإسماعيلية بمرناق صورة اجتماع بكونها “ختم القرآن ولقاء تم يوم الثلاثاء 27 جانفي 2015 بالزاوية الإسماعيلية بمرناق بحضور سيدي الحاج محمد بن عمر أحد أعلام الطريقة الاسماعيلية”، وتفاعل مع الصورة مريد يستخدم اسم “الرقيب الحرّ” معبّرا عن مشاعره فقال: “كان لقاءً مُتميّزا حقا حضرته كوكبة نيّرة من السادة المقاديم الكرام وجمْعٌ من المريدين الأجلاء ضاقتْ بهم الزاوية بقدر ما اتسع لهم قلب مُقدّمها سيدي صالح شريّط الذي أثبتتْ الوقائع أنه جدير حقا بمصاهرة الشيخ الجليل والعالم النِحرير الحاج سيدي محمد بن عمر الذي كان نجم اللقاء بدون منازع وكان في مُنتهى الإبداع والروعة”.

وتنشر صفحة “الطريقة البوبكرية” أخبار الحلقات ومواعيدها في زوايا تونس العاصمة وضواحيها. ولا تتردّد الصفحة نفسها في نشر توجيهات داخلية متعلقة بسلوك المريدين، ومن ذلك النصّ المنشور بتاريخ 4 أوت 2016 بعنوان “تنبيه خاص بمريدي الطريقة البوبكرية” ويتّسم بالصرامة وبطابعه الزجري: “ليكن في علم الجميع، سواء فقراء وفقيرات المنسوبين للطريقة البوبكرية أنه ابتدأ من اليوم أي 4 أوت 2016 أنه تقرر منع جميع اللقاءات الخاصة أو المكالمات الهاتفية ما بين الأطراف المخطوبة في كامل فترة خطوبتهم (…) إن كل مخالف لهذا القرار الصادر بهذا التاريخ يعتبر نفسه مفصولا من الطريقة البوبكرية وينشر اسمه في جميع الصفحات الخاصة بالطريقة حتى يعلم الكل أنه لم يعد منسوبا لها ولشيخنا سيدنا ومولانا الأستاذ عبد الغني بوبكر قدس الله تعالى سره و يمنع منعا باتا على مريدي الطريقة الاتصال به والحديث معه بعد مخالفة هذا القرار”.

ومن التوجيهات الداخلية المنشورة أيضا: “على مريدي الله المنتسبين للطريقة البوبكرية والمحسوبين عليها أن يصحبوا شيخنا ومربينا سيدنا ومولانا عبد الغني بوبكر الإسماعيلي قدس الله تعالى سره في طريقه وأن يقتدوا به في جل الأعمال وشتى الأحوال”. وقد علّق المريد “زبير” على الصفحة نفسها: “السمع والطاعة”.

أصداء الخلاف والتفرّق

تكشف بعض التدوينات والتعليقات عن حقيقة الخلافات بين أتباع الطريقة الإسماعيلية والتي كانت نتيجة الفراغ الذي حصل بوفاة شيخ الطريقة إسماعيل الهادفي سنة 1994. وهو ما أدّى إلى تزكية بعض المقدمين أنفسهم لخلافة الشيخ في عدة مناطق مثل الرديف وتونس وصار لهم أتباع، فيما اختار “مقدّمون” آخرون الاكتفاء بإدارة الزوايا. وذلك بعد أن أحجم المرحوم محمد صدّيق الميمني، السعودي الجنسية، عن المنصب وكان سيحظى بإجماع عموم الزوايا.

وأخبر المريد مصطفى الحمروني في تدوينة أعادت نشرها الزاوية الإسماعيلية بمرناق يوم 3 نوفمبر 2015 عن لقاء تمّ بالزاوية الأم بتوزريوم 31 أكتوبر 2015، وهو اللقاء الذي حضرته وفود من كل مناطق البلاد، ووصفه بأنّه “كان بحق لقاءً رائعًا عمّتْ خلاله أهازيج الفرحة الكبرى وتجلّتْ فيه أنوار البشائر على صفحات وجوه الحاضرين وذلك بسبب الخصوصية التي اتسم بها هذا اللقاء الذي جاء بعد انقطاع اللقاءات لمدة طويلة نسبيا وبصورة غير معهودة سابقا، مما جعل بعض بوادر الشك تتسرب إلى قلوب المريدين الأوفياء خوفا على مسيرة الطريقة التي أحبّوها من تأثير بعض شوائب الدعايات المغرضة والأقاويل المتناثرة التي تضمر لها ولأتباعها الشر، حتى جاء هذا اللقاء ليُثبّت مسارها ويُدعّم وجودها ويسحب البساط من تحت أرجل أهل النوايا الخبيثة”.

واعتبرت التدوينة اللقاء المذكور بمثابة رسالة تطمين موجهة لأنصار الطريقة ومحبّيها، كما ربطت الماضي بالحاضر لحث الجميع على الوحدة بالإشارة إلى “المُذاكرة اللطيفة التي ألقاها في سهرة اللقاء سيدي منوّر الهادفي نجل القطب الأكبر قدّس الله سره، تلك المذاكرة الهامّة التي كانت تحمل دعوة صادقة لجميع المريدين على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية لطيِّ صفحة الماضي”. ولكن يبدو أنّ الخلاف لم يحسم فقد علّق مريد إسماعيلي تابع للزاوية القاسمية على هذه التدوينة معترفا بمشيخة زاوية الرديف بولاية قفصة فقال: “سامحوني الزاوية الأم حاليا هي الزاوية القاسمية زاوية سيدنا شيخ بالقاسم بالخيري قدس الله سره”. وساد الجدل في عدد من الصفحات الشخصية للمريدين، وجاءه الردّ من المُريد الإسماعيلي مصطفى الحمروني، لنفي توريث الشيخ بلقاسم أو استخلافه على رأس الطريقة من قبل المرحوم إسماعيل الهادفي، وأشار إلى أنّ هناك شروطا دقيقة لا بدّ أن تتوفر في شيخ التربية ليرقى إلى مرتبة “الولي الصالح”.. وهي مواصفات غير متوفرة في الشيخ بلقاسم، وفق صاحب التدوينة. واستبعد مصطفى الحمروني وجود تكليف لبلقاسم الخيري واعتبر أنّ تصريحه لأتباعه بأنه حاصل على “الاسم الأعظم” وأن الشيخ الهادفي أذن له بالخلافة لا يقوم حجة على صدق أقواله ما لم يكن مُوثقا كتابيا إما في “عقد تكليف” أو رسالة تأييد. وتطوّرت المناقشة إلى التلميح إلى بعض الشبهات: “إن العدد الوفير الذي قدّرتَه سيادتك بالآلاف لأتباع الشيخ بلقاسم لا يعني أبدا أنهم على صواب وإن كان بعضهم عن حسن نيّة، ولكن ذلك في رأيي وحسب بعض المعطيات المتوفرة لديّ يرجع إلى قدرة الشيخ بلقاسم على مُغالطتهم وتزييف الحقيقة في أذهانهم وإلى الوسائل المادية المصلحية التي اعتمدها لإغراء البعض”، وفق ما جاء في التدوينة المنشورة على صفحة الزاوية الإسماعيلية بمرناق.

وحاجج هذا الرأي”منير” على الصفحة نفسها فقال: “إن لم يكن الشيخ بلقاسم ولا غيره فالشيخ إسماعيل عقيم وحاشاه فسنة الطريق تقتضي وارثا وخليفة”. وردّ عليه “الهادي الإسماعيلي”: “الوارث له شروط لا تتمثل في الأخ بلقاسم إخوتي كما لايخفى على أحد بعد انتقال شيخنا الهمام إسماعيل قدس الله سره طلب بلقاسم وشلته من سيدي محمد بن عمر أن يأخذ الولاية لكنه رفض وسد باب الادعاء”.

ويبدو أنّ الشيخ عبد الغني بوبكر يدّعي لنفسه خلافة الشيخ إسماعيل الهادفي، فنقرأ التعليق الآتي على صورة مركّبة في صفحة الطريقة البوبكرية: “صورة تجمع حضرة مشايخ السند قدس الله سرهم سيدنا محمد الحبيب البوزيدي الأول من جهة اليمين وخلفه سيدنا أحمد العلاوي المستغانمي الثاني من جهة اليمين وواصل بعده سيدنا محمد المداني الثالث من جهة اليمين إلى سيدنا إسماعيل الهادفي الرابع من جهة اليمين والآن مربينا الأستاذ شيخنا وقرة أعيننا غوث الزمان عبد الغني بوبكر الدقاشي التونسي قدس الله تعالى سره الخامس من جهة اليمين”.

وعبد الغني صريح في تقديم نفسه، ويضفي عليه من كرامات رؤى المنام ما يحاجج به، وجاء على صفحته الشخصية الرواية الآتية: “قلت إنّي أرى في المنام ليلة الاثنين 8/6/2015 أنّي استقبل ملكا مع حشد كبير. ولمّا ظهر الركب الميمون تبيّن لي أنّ الزائر الكريم هو سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوجهت إلى الجهة التي تمكنني من رؤيته بقرب أكثر فوجدته توجّه إلى دار قريبة فاستأذنت لدخول الدار فأُذن لي فوجدته شيخنا وقدوتنا ومربّينا وعمدتنا في الدنيا ويوم القيامة سيدنا إسماعيل الهادفي المداني قدس الله تعالى سرّه وكان مستلق على جنبه فجلس لما وصلت إلى جنبه ولم أجلس منتظرا إذنه ولم أقعد فقال لي: اقعد يا طود ثلاثا، اقعد يا وتد ثلاثا، اقعد يا غوث ثلاثا ثم فاضت عيناه بدموع أحسستها دموع فرح أستاذ بما أفاض الله تعالى على تلميذه بمحض فضل لا بشيء يُعلّل وعمّ ذلك الحال الكثير من الحضور واستيقظت من النوم لكتابة ما قد رأيته”. ورؤيا المنام، حجّة ودليل، يعتمدها الصوفية، فلا غرابة أن تلقى هذه الرواية في نفوس المريدين التصديق والإيمان.

الزهد والحداثة

يبيّن رصيد الزوايا الصوفية من الوثائق المصوّرة والتسجيلية مدى الحرية التي كانوا خلال العقود الماضي يتمتعون بها في التنقل والاجتماع وتنظيم التظاهرات. ولم تكن نزعة الزهد وتجنّب الرياء مانعا من الإفصاح للعموم عن المشاعر الروحية والوجدانية الخاصة، رغم الخلط، الذي وقع أحيانا، بين التسويق للذات والتسويق للجماعة والطريقة، وقد يكون ذلك ممّا فرضته مقتضيات التفاعل الاجتماعي على الشبكة، وهو ما شجّع أيضا المرأة الصوفية على الانخراط في ذلك، دون تخفّ، بكتابة التفاعلات والمشاركة في النقاشات وكتابة الردود على بعض مهاجمي الطرقية والتعبير عن مشاعرهنّ تجاه القادة الروحيّين.

Réagir sur l'article

Veuillez saisir votre commentaire
Veuillez saisir votre nom