◄30دقيقة- نرجس العيادي
بورما: خلال العقود الماضية لم تكن قضية مسلمي بورما مثارة كما هي اليوم. كان الحديث عن بورما (ميانمار) يدور فقط حول ديمقراطيتها الوليدة بعد الاستقلال في 1948، أو عن سنواتها العجاف تحت حكم الديكتاتور ”ني وين”، أو عن قمعية ووحشية الطغمة العسكرية التي قفزت إلى السلطة في 1982 وجمدت نتائج انتخابات عام 1990 الديمقراطية، أو عن السيدة ”أونج سان سوتشي” رمز الديمقراطية
لكن في الأيام القليلة الماضية شاهدنا العشرات من الصور التي لا يتحملها قلب بشر على الفيسبوك وتويتر عن المذابح التي تحدث في (بورما. ميانمار) بحق الأقلية المسلمة تسمى الـ (روهينجا)، وهم يشكلون نحو 800 ألف شخص لا يحملون أي جنسية، ويقيمون في شمال الولاية ذات الغالبية البوذية.
حيث قامت عدة مذابح في السنوات القليلة السابقة في إقليم أراكان في عام 2012 من قبل متطرفي الرهبان البوذوين ضد مسلمي الروهينجا، وتدعم الدولة العسكرية هذه المذابح بالصمت عن إيقافها أو ملاحقة مرتكبيها، حيث تعتبر تلك الأقلية مهاجرين غير شرعيين من دولة بنجلاديش المجاورة، وتهيئ المجال لطردهم وترحيلهم من هذا الأقليم الإستراتيجي.
فالموقع الجيوسياسي المهم لبورما (ميانمار) في القارة الصفراء يلعب دورًا رئيسًا في تحديد مستويات الصراع المحلية، والإقليمية، والدولية، ضمن تقاطعات سياسية، واقتصادية، تَتَعزز في ضوء خريطة ديموغرافية لمنطقةٍ تتشكلُ أغلبها من البوذية في الصين، والهندوسية في الهند، مقابل أقلية مسلمة، ونصرانية، تتناثر في عدة دول، من بينها بورما. حيث تكمن مشكلة الروهينجا في أنهم يشكلون غالبية سكانية في تلك المنطقة الإستراتيجية في شرق آسيا، حيث النزاع بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
بالرغم من وجود 16 أقلية عرقية مسلمة بها، وانتشار المسلمين في 10 مناطق في الصين، وبالرغم من الاضطهاد الديني الذي يتعرض له المسلمون عامة في بقاع كثيرة من الأرض، إلا أن أقلية الروهينجا ومسلمي تركستان الشرقية هما أكثر من يتعرض لتلك المذابح والتهجير والتشريد والقتل وكأن الاسلام في تلك المنطقة شبح موت يلاحق المسلمين في بلاد الرعب وعلى الرغم من مناقشة قضية الأراكانيين الروهنجيين من قبل الأمم المتحدة ومنظمة آسيان، ومنظمة المؤتمر الإسلامي منذ عقدين؛ إلا أن شيءً لم يتغير ، بل ازداد سوءً. ففي ظل سكوت العالم اليوم عن هذه القضية كما سكت بالأمس فإن البوذيين لن يتوانوا عن إعادة مسلسل جرائهم من جديد الذي بدؤوه قبل 60 عاماً حين أيقنوا أن العالم في سبات عميق تجاه ما يقترفونه في حق المسلمين في إقليم أراكان ، تصل إلى الإبادة الجماعية ضد الأقلية المسلمة. مع تواطؤ نظام الدولة مع عصابات البوذيين في شنّ عمليات التطهير العرقي والقتل والعزل الاجتماعي ومصادرة الأراضي وإحراق المنازل والمتاجر والتهجير القسري واغتصاب الفتيات المسلمات ..
كل هذه الجراىم في حق الانسانية و كل هذه الاحداث المتواترة .. تفتح باب النظر الجيوسياسي فيما يستحق النظر و يثير التساؤل الجوهري… هل قتل المسلمين في بورما هو فقط لاجل انهم مسلمين؟