الدروس الخصوصية من أكثر الأمراض التي نخرت المؤسسة التربوية وتسببت في إرهاق كاهل الأولياء رغم أن البعض منهم يراها ضرورة باتت ملحّة.وقد صدر قانون يُعرّض الأساتذة والمعلمين الذين يصرّون في أي منطقة من أنحاء الجمهورية على مخالفة القانون لجملة من العقوبات الجزائية والإدارية والمالية، كما أن هذا القانون لا يستثني التلميذ من العقوبات الجزائية والإدارية والمالية.
30دقيقة- درصاف اللموشي
فمنذ أواخر 2015 تخضع الدروس الخصوصية إلى رقابة القانون، قانون يقع تجاوزه في حالات كثيرة برغبة من التلاميذ وبترحاب من الأولياء وبتواطؤ مع بعض المربّين. العقوبة الخاصة بالأساتذة والمعلمينهي الإيقاف عن العمل لمدة 6 أشهر أو سنة أو الطرد من المؤسسة التعليمية بالنسبة إلى الأستاذ.وتتمثّل العقوبة بالنسبة إلى التلميذ الحرمان من امتحان الباكالوريا لمدة بين سنتين وثلاث سنوات أو الطرد من المؤسسة التعليمية. ويشترط القانون أن تكون الدروس الخصوصية داخل المؤسسات التعليمية الحكومية حتى تكون قانونية وتحت إشراف وزارة التربية أو التي لها ترخيص في الغرض طبقا للقانون. ورغم دخول هذا القانون حيّز التنفيذ فإن العديد من المدرّسين تمسّكوا بمزاولة الدروس الخصوصية، وحتّى التلاميذ يُقبلون عليها.
أسباب تجاوز القانون
يُفضّلأغلبالتلاميذ أن تكون الدروس الخصوصية لدى الأستاذ الذي يُدرّسهم في القسم. وتُبرّر التلميذة “ريم” ذلك بأنّ أستاذ القسم يستفيض في شرح الدرس خلال الدروس الخصوصية على عكس القسم أين يكون الشرح مُختصرا، أماالتلميذ “سمير”، فقال لـ”30 دقيقة”: “أسئلة الامتحان في أحيانا كثيرة تكون متقاربة مع التمارين التي نحلّها في الدروس الخصوصية وهو ما يجعلني وجوبا أختار أن الدروس الخصوصية لدى أستاذ القسم في بيته”.
بينما اشتكى وليمن عدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ نتيجة الدروس الخصوصية حيث أوضح: “في الفصل الواحد يقع التفريق بين التلميذ الذي يدرس الدروس الخصوصية عند أستاذه وبين تلميذ لا يدرسها، بغضّ النظر عن مدى كفاءة التلميذ وقدرته المعرفية، وهنا يتم القضاء على المنافسة الشريفة، وبالتالي يُدفع التلميذ دفعا للالتحاق بالساعات الإضافية دون اعتبار ما نصّ عليه القانون” . ومن الأسباب الأخرى التي أجبرت الأستاذ على مخالفة القانون وإعطاء الدروس في منازلهم عوضا عن المدرسة أو المعهد هو توزيع مداخيل الدروس الخصوصية بين المربّي والإطار الإداري والمؤسسة أي أنه في مثل هذه الحالة لن يكون مدخول المربّي كبيرا عكس السابق، وهو ما أكده الأستاذ”منير” لـ”30 دقيقة”: “تعريفة الدروس الخصوصية في البيت أعلى من تعريفتها في المؤسسة التربوية، وتبقى غاية الأستاذ من القيام بالدروس الخصوصية ربح المال لكن في صورة تقاسمه مع عدة أطراف فإنه سيلجأ إلى تجاوز القانون بطريقة أو بأخرى”.
القانون الزجري لم يحلّ المشكلة بصفة نهائية، بما أن الدروس الخصوصية المُسندة من قبل المُربّي الذي، يتهمه البعض بأنّه يبتز تلاميذه ويرغمهم على ذلك، تواصلت، إضافة إلى أن الأساتذة أصحاب الكفاءات يلتحق بهم التلميذ ولا يهمّ المكان إن كان البيت أو القسم.
شرّ لا بد منه
مع استمرار تقديم الدروس الخصوصية في المنازل، يستمرّ نزيف جيوب الأولياء، حتّى أصبح تخصيص جزء من المرتّب للدروس الخصوصية عادة دأب عليها الأولياء. عبد الرؤوف ولي قال لنا: “لدي ثلاثة أبناء، 2 يدرسان في الثانوي، وواحد في الإعدادي وثلاثتهم يتلقون دروسا خصوصية، أنا أنزعج عندما يحين وقت الدفع كل شهر لكن أبحث عن تحسّن مستوى أبنائي فهذا كل هدفي، فليدرسوا هذه الدروس أينما أرادوا في المعهد أو في بيت الأستاذ”. واشتكت “إيمان” من الدروس الخصوصية التي أصبحت عبءا عليها، حيث أكدت أنه كلما تقدّم أبناؤها في الدراسة من سنة إلى أخرى تزداد أسعار الدروس الخصوصية، وأنه أيضا عند اقتراب موعد الامتحانات يقع التكثيف من الدروس المذكورة، ما يعني دفع مزيد من الأموال.
حساسية بين الأساتذة
خلقت الدروس الخصوصية حساسية بين أساتذة المعهد الواحد ففي ولاية توزر على سبيل المثال قدّم أحد الأساتذة شكوى ضدّ زميله تضمّنت أنه يمتهن الدروس الخصوصية في منزله على عكس ما فرضه القانون، علما وأن صاحب الشكوى رفض العديد من التلاميذ الإقبال على الدروس الخصوصية التي يقدّمها في المعهد، حسب شهادات لـ”30 دقيقة”.
المدارس الخصوصية الخاصّة في خطر
ساهمتمزاولة الدروس الخصوصية في المنازل في تراجع مداخيل أصحاب الشهادات الخاصة العاطلين عن العمل الذين فتحوا مدارس للدروس الخصوصية.”آمال” هي أحد هؤلاء المتضرّرين، تقول: “تخيّلت أن القرض الذي تحصلت عليه وفتحت به مدرسة للدروس الخصوصية سيُحسّن ظروفي، واستبشرت خيرا بتجريم مزاولة هذا النوع من الدروس في البيوت، لكن شيئا لم يتغيّر إلى الآن، وبقي ما أجنيه قليلا ولا يكفي لدفع مصاريف مدرستي وخلاص أجور الأستاذة الذين انتدبتهم”.