من المؤسف جدا أن يعيش مجتمعنا تغييرات خطيرة في سلوكه ويصبح التونسي عديم المسؤولية وفاقدا للأخلاق فيعمد إلى ممارسة الغش القاتل لتحقيق أرباح مادية سريعة على حساب صحة المواطن وحياته.
◄30دقيقة- جيهان غديرة
توسعت ظاهرة «الإرهاب الغذائي» في تونس وانتشرت المصانع العشوائية في الأحياء الشعبية والمناطق الفلاحية بعيدا عن أعين المراقبة و اصبح الغش يشمل حاجيات المواطن اليومية من الغذاء . لحوم حمير مريضة توزع على انها لحوم أحصنة … لحم القطط يباع شاورمة …. مخازن سرية لتجميد اللحوم البيضاء والحمراء منتهية الصلاحية . الغش القاتل أصبح متفشيا وغير مرتبط بقطاع معين. فماهي أسبابه ? وكيف يمكن مقاومته والقضاء عليه حتى لا يتهاوى مجتمعنا?
أطنان من المواد الفاسدة في بطون التونسيين
حقائق مفزعة عن الوضع الغذائي في تونس بعد الثورة الذي سيطر عليه تجار الموت و أخطبوط “مافيا الغذاء ” اللذين ينشطون في مختلف القطاعات ويحظون بنفوذ كبير يحاولون من خلاله الاختفاء عن أعين الرقابة عبر مخازن كبرى في مناطق عديدة بالبلاد.
هؤلاء يصفهم البعض على انهم فوق القانون وسلطتهم فوق سلطة الدولة خاصة ان عددا هاما من الشركات تم غلقها وعادت الى نشاطها ضاربة عرض الحائط بقرارات السلط المعنية .عديد عمليات حجز جديدة هذه الايام تضف الى عمليات نوعية متعددة من حيث المحجوزات وفداحة درجة التعفن و فساد المنتوج التي ما انفكت تطالعنا بها بلاغات فرق المراقبة الاقتصادية و الصحية طوال الاشهر المنقضية اضافة الى تعرض برنامج ” ما لم يقل ” لها على قناة الحوار التونسي في حلقته الاولى . والذى كشف ايضا عن وجود شبكات اجرامية تتعامل مع بعض البياطرة في المسالخ لبيع و توزيع لحوم الحيوانات الفاسدة و الجيفة و المريضة بالسل.
اضافة الى كشف جزارين يذبحون الحمير و الابقار المصابة بمرض السل ويبيعونها على أساس أنها لحوم حمراء عادية . وأصحاب مخازن يكدسون اللحوم الفاسدة ليتم تحويلها فيما بعد إلى ” “صلامي ومرقاز”وهى لحوم حمير طاعنة في السن ومريضة .كما تم حجز كميات هامة من اللحوم الحمراءالفاسدةتقدر ب90 طنليتضح انها لحوم حميروقد اعلنتالسلطات الامنية ان عدد الحمير الذي يقع ذبحها في تونس سنويا تقدر ب30 الف حمار أيضاتم حجز لحوم بيضاء غير صالحة للاستهلاك تقدر ب20 الف طن من اللحوم البيضاء,وغيرها من أشكال اللحوم المصبرة. اغلبها لحوم متعفنة و لا تتوفر فيها أدنى شروط حفظ الصحة . ذلك إلى جانب أمعاء تغير لونها وتعفنت حتى خرجت منها الديدان يتم استعمالها فيما بعد لصنع ” المرقاز”لحوم و امعاء تنبعث منها روائح كريهة لا تطاق مخزنة داخل أوعية بلاستيكية غير صحية وسط الاوساخ وانتشار الديدان والجرذان … ويتم إخفاء الروائح المنبعثة منها عن طريق غسلها بمواد التنظيف ووضع مواد أخرى عليها منها «اللامونيتر» لتباع فيما بعد على انها سليمة.انه كم الهائل من الغش وتحول فظيع ووضيع في سلوك المواطن التونسي الذي أعمته المادة وأفقدته الأموال عقله وأذهبت أخلاقه.
عقوبات محتشمة ضد المخالفين
أمام خطورة الجرم المقترف في حق المستهلك بترويج مواد غذائية مغشوشة وفاسدة ومن بينها اللحوم تبقى العقوبات ضد المخالفين محتشمة وغير رادعة ما قد يشجع على تمادي هذه السلوكيات على اعتبار أن الخطايا المالية لن تثني المتاجرين بصحة المواطن عن الجريمة فإن تشديد القوانين الرادعة تشكل بالنسبة لمنظمة الدفاع عن المستهلك وسيلة ضغط وآلية ردع قادرة على الحد من هذه التجاوزات.لذا وجب تشديد العقوبات بإقرارعقوبات سجنية والترفيع في قيمة الخطايا المالية. كما ان دور المواطنو انخراطه في العمل الرقابي وتجنب الموقف السلبي الذي يدفع بالكثيرين إلى ملازمة الصمت وعدم الإعلام بعمليات الغش والتجاوزات التي تتم معاينتها من الانتظارات الكبيرة التي تعول عليها الأجهزة المشرفة على عمليات المراقبة.
كما أعلن الشاهد عن جملة من الإجراءات الحاسمة في هذا الملف ملف اللحوم الفاسدة الذي شهد جدلا واسعا في الآونة الاخيرة،وذلك عقب متابعة جديّة لآخر التطورات والتحقيقات وقد دعا إلى إنشاء جهاز رقابة موحد يجمع بين كل من وزارات الصحة والتجارة والداخلية والفلاحة من أجل تكثيف الرقابة علي جميع المطاعم والمحلات المفتوحة للعموم في كافة ولايات الجمهورية و توفير جميع الإمكانيات اللازمة للقيام بعملها فضلا على ردع جميع المخالفين في إطار القانون من غلق وسجن وإزالة وغيرها من العقوبات .
وحسب ما ذكرته جريدة الصريح بعددها الصادر يومالسبت 23 سبتمبر 2017، أن قائمة جاهزة لمتورطين سيتم اتخاذ الإجراءات في شأنهم وستكون هناك إيقافات وتحقيقات، من بينهم أطباء بياطرة ومؤسسات مختصة في توريد اللحوم، كما ستطال التحقيقات بعض الإطارات الجهوية داخل الولايات .
تجاوزات و ارقام مرعبة تعكس درجة الاستهتار والاستهانة بطرق الحفظ والتعاطي مع الموادسريعة التعفن والتي تحوّل المنتوج إلى سموم خطيرة على صحة المستهلك و في حال إفلات من عين الرقابة وتمكّن أصحابها من تسريبها بالأسواق وبلوغها طعام المواطن . في غير مبالاة بنتائج هذا السلوك الذي ينم عن انعدام الضمير الأخلاقي لدى البعض.